هل هناك علاج للبرد؟
* نزلة البرد :. هي عارض شائع ومعروف لكن يصعب العثور على علاجها. لقد جاء موسم البرد لكن علاجه لم يأت بعد، وحتى الجهود المبذولة لعلاج اعراضه تبدو واهية مشكوك فيها هذه الايام.
وكانت علاجات البرد التي تعطى من دون وصفة طبية، قد تعرضت الى رقابة صارمة وتحريات دقيقة في الآونة الاخيرة. فقد اوصت لجنة استشارية تابعة لوكالة الغذاء والدواء الاميركية «أف دي أيه» في اكتوبر الماضي بحظر ادوية نزلات البرد بالنسبة الى الاطفال الذين تقل اعمارهم عن ست سنوات. وتحسبا لتنفيذ هذه الوصية، قام العديد من الشركات المنتجة لهذه العقاقير بسحب ادويتها الخاصة بالاطفال. لكن هذه العقاقير الخاصة بالكبار لم تتأثر على الرغم من انها لا تملك سجلا يثير الكثير من الثقة. فهناك عقار يدعى «فينيلبروبانولامين» Phenylpropanolamine الذي كان يستخدم كمزيل لاحتقان الانف في العديد من المنتجات حتى قام الباحثون بربطه بالسكتات الدماغية النزفية لدى النساء. وتلقي التوجيهات والارشادات الصادرة عن الرابطة الاميركية لاطباء الصدر في العام 2006 بظلال من الشك على فعالية الادوية المنخمة (المساعدة على التخلص من البلغم) Expectorants، والكابته (المخمدة) للسعال Suppressants، بما في ذلك منتجات تباع من دون وصفة طبية.
لذلك ليس من الغريب أبداً قيام الافراد بالبحث عن بدائل مثل فيتامين «سي»، وعنصر الزنك، لكن على الاغلب، فإن دليل فعاليتهما غير مؤكد بعد.
* أدوية العلاج
* واليكم شرحا يتعلق بعلاج البرد والوقاية منه:
في ما يتعلق بالادوية التي تباع من دون وصفة طبية، فإن البرد له اعراض متنوعة، لذلك كانت لأدويته تشكيلة متنوعة من المقومات الاساسية المركبة منها. وهي دائما تحتوي على شكل من اشكال مخففات الالم والحمى ولا سيما الـ «اسيتامينوفين» Acetaminophen الكابت للسعال، وغالبا الـ «ديكستروميثورفان» Dextromethorphan مزيل الاحتقان الانفي، وعادة الـ «فينيليفرين» Phenylephrine، واحيانا مضادات الهيستامين Antihistamine، وغالبا الـ «كلورفينيرامين» Chlorpheniramine. وقد ادرجنا قائمة بادوية البرد التي لا تتطلب وصفة طبية OTC ومقوماتها ومكوناتها الاساسية على موقعنا في الشبكة إن الدمج بين الفوائد غير المؤكدة، وربما المؤذية، قد تلقي بظلالها على تركيبات ادوية الاطفال الخاصة بعلاج البرد. ولكن هل تنطبق مثل هذه الشكوك ايضا على ادوية البالغين؟
الفعالية هي بالتأكيد مسألة مهمة، واطباء الصدر الاميركيون ليسوا وحدهم الذين تساورهم الشكوك بمكونات الادوية المضادة للسعال. وكان الباحثون البريطانيون قد راجعوا 15 تجربة خاصة بأدوية علاج السعال، واستنتجوا انه لا توجد دلائل جيدة تدل على فعاليتها. وشملت تقديراتهم هذه مضادات الهيستامين. والجيل الاول من هذه المضادات، مثل الـ «دوكسيلامين» Doxylamine و«كلورفينيرامين» Chlorpheniramine له تأثيرات مسكنة، لذلك فهي تشكل غالبا، احد مقومات الادوية التي تزعم انها تريح المصاب بالبرد اثناء الليل.
واذا ما جرى تناول ادوية OTC هذه بالجرعات الموصى بها، فهي امينة بالنسبة الى البالغين. ومع ذلك فان غالبية التعقيدات والمضاعفات الخاصة بتركيبات الادوية الخاصة بالاطفال، مصدرها الجرعات الزائدة عن الحد التي تحصل عرضا، والتي هي مشكلة بالنسبة الى البالغين ايضا. فالناس لا تقرأ عادة الطباعة الدقيقة، وقد لا تستطيع الادراك مثلا ان ملعقة مملوءة من الـ «نايكويل» Nyquil تحتوي على 500 مليغرام من الـ «اسيتامينوفين»، فاذا جرى تناول الكثير من الـ «تايلينول» Tylenol، الذي هو «اسيتامينوفين» في الوقت ذاته، فاننا قد نقع في مشكلة. وفي اسوأ الحالات قد ننتهي بفشل الكبد.
وتأثيرات مضاد الكوليني الفعل Anticholinergic Effects الناجمة من مضادات الهيستامين هو امر ينبغي التنبه له، لا سيما ان عقاقير مضادات الكوليني الفعل لدى الاشخاص المتقدمين في العمر قد تسبب لهم الاضطراب والامساك واحتباس البول ومشكلات اخرى.
اما «سيديوفيدرين» Pseudoephedrine احد المكونات النشيطة المميزة في منتجات ازالة الاحتقان الانفي مثل «سوديفايد» Sudafed فهو عقار قوي جدا، الذي يحتاج الى تناوله بعناية. وهو يعمل على تقليص الاوعية الدموية في الانف. غير ان هذا النشاط محصور في الانف فقط. وقد يسبب الـ «سيديوفيدرين» ضغط الدم العالي، وفي احيان نادرة عدم انتظام في ضربات القلب والسكتات الدماغية، فضلا عن احتباس البول لدى الاشخاص الذين يعانون من تضخم البروستاتا. وليس من الواضح ماذا اذا كان الـ «فينيليفرين» Phenylephrine مزيل الاحتقان الانفي الذي حل محل الـ «سيديوفيدرين» في العديد من ادوية البرد المتعددة الاعراض، يحمل الاخطار ذاتها.
* فيتامين «سي»
* اما بالنسبة الى فيتامين «سي» فإن لينوس بولينغ الفائز بجائزة نوبل ومؤلف كتاب «فيتامين سي والبرد الشائع المعروف» الذي نشره في العام 1970، فيعتقد ان على اغلبية الناس ان تتناول ما بين 1000 و2000 مليغرام من فيتامين «سي» يوميا. كما نصح الناس حمل قرص منه من عيار 500 مليغرام في جميع الاوقات، بغية تناوله في اول اشارة بالاصابة بالبرد. كما انه تخيل استئصال البرد من بعض المناطق العالمية المعينة خلال عقد من الزمن، او عقدين. لكن في العام الماضي، اشار تحليل لـ 30 تجربة شملت ما يزيد عن 11 ألف شخص، إلا ان تناول هذا الفيتامين لمنع البرد له تأثير ضئيل، ان وجد. وقد تكون هناك بعض الاستثناءات على شكل الذين ينخرطون في تمارين قاسية كعدائي الماراثون مثلا، او الذين تعرضوا الى نزلة برد شديدة جدا. ومثل هذه النشاطات قد تسبب انخفاضا مؤقتا في وظيفة المناعة التي قد يستطيع فيتامين «سي» تعديلها. اما ما اذا كانت الجرعات العالية قد تساعد في علاج البرد حالما يبدأ فان الامر يتطلب المزيد من الابحاث، كما استنتجت الدراسة.
* الزنك
فقد اقترح تناوله كأسلوب لتقصير نزلة البرد، وربما التخفيف من شدتها. وكان الاعتقاد بان تناول هذا الملح المعدني لمقاومة نزلات البرد قد بدأ بعد تقرير في عام 1984 رفعه الباحث جورج إبي من ولاية تكساس في اميركا والذي اشار الى ان اقراص الزنك تقصر مدة البرد بنحو اسبوع. لكن البحث هذا مهم على وجهه منذ ذلك الحين، مع تسجيل بعض النتائج الايجابية والاخرى السلبية. وافاد باحثو جامعة ستانفورد في عام 2007 ان ثلاثة من الابحاث الاربعة التي تعرفوا عليها على انها الاكثر موثوقية، لم تجد اي فوائد علاجية من تناول اقراص الزنك، او استخدام المرذاذ (المرشة) الانفي. اما البحث الرابع الذي قام بتجربة هلام (جيلي) انفي، فوجد استنادا الى تقارير عدة ان الهلام هذا كان يسبب فقدان الشعور بالشم. وفي اغلبية الحالات عادت حاسة الشم الى طبيعتها، لكن فقدان الشعور بها دام اكثر من ستة اشهر.
* إشناسيا
المعروف في الحدائق كزهرة شبيهة بزهرة الربيع (ديزي) لكن لها بتلة تويجية رقيقة ومتدلية، فقد اظهر تحليل نتائج 14 دراسة قامت به جامعة كونيكيتيكت ان تناوله، اي الـ «إشناسيا»، خفض من احتمالات الاصابة بنزلة البرد بنسبة 58 في المائة، وفترة الاصابة بمقدار 1.4 يوم. وجاءت النتائج التي نشرت في مجلة «لانسيت» للامراض المعدية في العام الماضي مفاجئة بعض الشيء لكون العديد من التجارب السريرية العشوائية، بما فيها اثنتان قامت بتمويلهما المؤسسات القومية للصحة في اميركا لم تجد اي فائدة من تناول هذا النبات. ومجمل تحليل هذه الدراسات هو اسلوب جيد للحصول على دليل قائم، لكن دائما هناك اسئلة تثار حول نوعية الدراسات المبطنة وكيفية موازنة النتائج والمجموعة المختلفة من الجرعات التي يجري تناولها.
* الوقاية المجدية
* هناك نسبة قليلة من العطاس والسعال الذي يحتوي على فيروسات البرد، وبذلك فأنت اكثر عرضة ان تلتقط هذه الفيروسات او تنشرها عن طريق يديك. لذلك فان غسيل اليد بانتظام هو واحد من افضل الاساليب للوقاية من البرد. وممارسة التمارين الرياضية القاسية قد تخفض من المناعة مؤقتا، لكن ممارستها بشكل معتدل ومنتظم من شأنها تعزيز هذه المناعة. وتفترض بعض الابحاث انها قادرة حتى على منعه كلية. والآمال المعلقة على فيتامين «دي» باتت عالية جدا هذه الايام. وتفترض الابحاث انه قد يكون له مفعول مقاوم للسرطان. كما انه قد يساعد على ابعاد البرد عن طريق تعزيز نظام المناعة. لكن حذار من الاسراف في ذلك، فالجرعة اليومية المسموح بها من هذا الفيتامين هي 2000 وحدة دولية.
والادوية الخاصة بالبرد التي لا تحتاج الى وصفة طبية OTC ليست «اللعبة» الوحيدة المتوفرة، اذ يمكنك تناول الكثير من المقومات والمكونات الموجودة في هذه الادوية بشكل منفصل لمقاومة اعراض البرد من دون مواجهته بشكل كلي، وعدائي. والاسبرين او الـ «اسيتامينوفين» من شأنهما تخفيف آلام الحنجرة الملتهبة. كما ان العقاقير المضادة للالتهابات غير السترويدية، مثل الـ «نابروكسين» naproxen (الفي Aleve وغيرها من الانواع) قد تساعد ايضا على تخفيف السعال ومقاومته. وتناول مزيلات الاحتقان ليس الاسلوب الوحيد لفتح المجاري الانفية، اذ ان تنشق البخار من قارورة تحضير الشاي، او الدخول تحت مرشاش (دوش) من الماء الساخن قد يساعد ايضا. واحتساء الكثير من المياه قد يساعد على فتح المجاري الانفية عن طريق الحفاظ على المخاط رطبا وجاريا. واذا كنت تعاني من الحمى او الحرارة العالية فان السوائل تساعد على مقاومة الميل الى الاصابة بالجفاف وفقدان السوائل. واخيرا لا تقم بالاسراف في عملية التمخيط وتفريغ الانف، لان ذلك قد يؤدي الى دفع السوائل الانفية المعبأة بالبكتيريا والفيروسات الى الجيوب الانفية. وتكون النتيجة في بعض الحالات عدوى ثانوية في هذه الجيوب التي يتطلب علاجها بالمضادات الحيوية.
* خدمة هارفارد الطبية – الحقوق: 2005 بريزيدانت آند فيلوز – كلية هارفارد
ارجو ان الموضوع قد افادكم
اللهم اشفي جميع مرضى المسلمين " امين "